إنَّ  مواكبةَ التطوراتِ العالميّةِ من الغاياتِ التي تضعُها  دولةُ الإماراتِ العربيةِ المتحدةِ في مقدمةِ أولوياتِها ، إذ تَحرصُ على الصدارةِ العالميةِ في امتلاكِ أفضلِ الأدواتِ وأحدثِ التقنياتِ العالميةِ في كافةِ المجالاتِ، وخاصّة في مجالاتِ الذكاءِ الاصطناعيِّ، ويعودُ الفضلُ في ذلكَ إلى الرؤيةِ الاستباقيةِ الثاقبةِ التي تتمتعُ بها قياداتُها الرشيدةُ الحكيمةُ ؛ فقد حرصتِ الدولةُ على إطلاقِ الاستراتيجيةِ الوطنيةِ للذكاءِ الاصطناعيِّ بوصفِهِ أحدَ أهمِّ مشروعاتِها المئويةِ عام 2071م، حيثُ أكدتِ القيادةُ الرشيدةُ في الدولةِ على أنَّ الذكاءَ الاصطناعيَّ يجبُ أنْ يكونَ حاضرًا في أعمالِنا وحياتِنا وخدماتِنا الحكوميةِ، وتُعدُّ دولةُ الإماراتِ من أكثرِ الدولِ استعدادًا لمواكبةِ المتغيراتِ التكنولوجيةِ، كما تسعى دائمًا إلى توفيرِ بِنيةٍ تحتيةٍ مستقبليةٍ؛ لتحسينِ أسلوبِ الحياةِ ورفاهيةِ أفرادِ المجتمعِ الإماراتيِّ.
إنَّ تحقيقَ رفاهيةِ المواطنينَ والمقيمينَ على أرضِ الإماراتِ محورٌ أساسيٌّ لدى حكومةِ الإماراتِ وقيادتِها الرشيدةِ، ونطاقُ البحثِ الدائمِ عندَها. ومنْ هذا السياقِ أدركتِ الإمارات أهميةَ توظيفِ تقنياتِ الذكاءِ الاصطناعيِّ في البرامجِ والمبادراتِ؛ لتحقيقِ الأهدافِ الاستراتيجيةِ لاستثمارِ الذكاءِ الاصطناعيِّ في ترسيخِ مكانةِ دولةِ الإماراتِ، لتكونَ وجهةً عالميَّةً لتطبيقاتِ الذكاءِ الاصطناعيِّ، مما يزيدُ تنافسيُتها في مختلفِ القطاعاتِ، وعلى رأسِها مجالُ التدريبِ.
 ولعلَ أهمَّ ما تضمنَتْه الأهدافُ الاستراتيجيةُ، هو: استقطابُ المواهبِ وتدريبِها على الوظائفِ المستقبليةِ التي يتطلبُها الذكاءُ الاصطناعيُ، واستقطابُ القدراتِ البحثيةِ الرائدةِ عالميًا؛ للعملِ في القطاعاتِ المستهدفةِ، وتوفيرُ البياناتِ والبِنيةِ التحتيةِ الأساسيةِ الداعمةِ؛ لتكونَ بمثابةِ مِنَصَّةِ اختبارٍ للذكاءِ الاصطناعيِّ، كما تضمنتِ الاستراتيجيةُ خطةَ بناءِ علامةٍ تجاريةٍ راسخةٍ لدولةِ الإماراتِ في مجالِ الذكاءِ الاصطناعيِّ.
إنَّ دمجَ الذكاءِ الاصطناعيِّ في التدريبِ والتأهيلِ يهدفُ إلى مواكبةِ المتغيراتِ، وتقديمِ أنموذجٍ عالميٍّ في مجالِ الاستثمارِ في رأسِ المالِ البشريِّ، إذ لا يُمكنُ الاستمرارُ في التدريبِ التقليديِّ طويلًا، في ظلِّ استخدامِ التكنولوجيا والتدريبِ الرقميِّ والتِّقنيِّ في إعدادِ وتأهيلِ الكوادرِ البشريّةِ والارتقاءِ بمستواها المهنيِّ والوظيفيِّ الذي أصبحَ ضرورةً في جميعِ المؤسساتِ، وهناك العديدُ من التحدياتِ التي تواجهُ المؤسساتِ في تأهيلِ القدراتِ وبناءِ الكوادرِ؛ لذا يجبُ أنْ تعملَ المؤسساتُ على مواكبةِ التطوّراتِ المتسارعةِ في مجالِ الذكاءِ الاصطناعيِّ، ودمجِها في التأهيلِ والتدريبِ؛ لتحقيقِ زيادةِ الإنتاجيةِ، وتحسينِ أداءِ الموظفينَ في مختلفِ المجالاتِ، ومنها المجالُ الشرطيُّ؛ حيثُ أدى استخدامُ تقنياتِ الذكاءِ الاصطناعيِّ إلى التنبؤِ بالجريمةِ، وبالتالي فإنَّ  تلك التقنيات تسهمُ في مكافحةِ الجرائمِ، وتقلّلُ من الوقتِ المهدرِ للجهودِ البشريةِ في البحثِ والتحليلِ والتقصي عن الأدلةِ.
وقد أدى استخدامُ أنظمةِ الشرطةِ التنبؤيةِ في مراكزِ الشرطةِ بولايةِ لوس أنجلوس عامَ 2020م إلى تقليلِ معدلاتِ العنفِ إلى 21%، وجرائمِ السَّرقةِ إلى 33%، كما أسهمتْ تلك الأنظمةُ في بريطانيا في خفضِ معدلاتِ الجريمةِ بنسبةِ 20%.
إنَّ ركيزةَ الاستدامةِ التي تسعى الجامعةُ القاسميةُ إلى تبنيها وَفقًا لتوجهاتِ الدولةِ هذا العام، ستُمَكِّنُ مركزَ التعليمِ المستمرِ والتطويرِ بالجامعةِ من تصميمِ برامجَ تتوافقُ مع متطلباتِ سوقِ العملِ، على مستوى: المعارفِ والمهاراتِ الخاصةِ بالتقييمِ المستمرِ والتطويرِ، وَفْقًا للمتغيراتِ المرتبطةِ بالتطوراتِ التكنولوجيةِ، وبما يتناسبُ مَعَ الأولوياتِ الوظيفيّةِ للعملِ بالدولةِ؛ لإعدادِ كفاءاتٍ وطنيةٍ تتمتعُ بالجاهزيةِ المهاريّةِ والإبداعيّةِ التي تُمَكِّنُها من تعزيزِ القدرةِ التنافسيّةِ في شتى المجالاتِ والقطاعاتِ الحيويّةِ.
والجامعةُ القاسميةُ ومِنْ خلالِ الشراكةِ مَعَ أكاديميةِ العلومِ الشُرطيّةِ بالشارقةِ، تُدركُ طبيعةَ المتغيراتِ والتحدياتِ العالميّةِ، وتعي –تمامًا- ما يشهدُه سوقُ العملِ من متغيراتٍ وظيفيةٍ، نتيجةَ التطوراتِ التكنولوجيةِ الهائلةِ المتسارعةِ، وتتفهّمُ أنَّ النجاحَ في التعاملِ مَعَ هذا الواقعِ مليءٌ بالتحدياتِ، ومرهونٌ بالإنسانِ، الذي يُعدُّ ثروةَ هذا الوطن، من خلالِ الاستثمارِ الأمثلِ فيه، وتمكينِه في مهاراتِه وممارساتِه المستقبليةِ، من أجلِ بناءِ اقتصادٍ مستدامٍ، يتوافقُ مَعَ توجهاتِ القيادةِ الرشيدةِ ورؤيتِها في بناءِ إنسانِ المستقبلِ وتزويدِه بالمهارةِ والكفاءةِ والجاهزيةِ بما يَضمنُ التعاملَ الناجحَ مع التحدياتِ والمتغيراتِ، ويعززُ التنافسيّةَ؛ لبناءِ اقتصادٍ مستدامٍ؛ فالاستثمارُ في بناءِ الإنسانِ شكَّلَ أحدَ الثوابتِ الأساسيةِ في مسيرةِ دولةِ الإماراتِ، مُنذُ قيامِ الاتحادِ، وكذلك في رؤيتِها الاستشرافيةِ للمستقبلِ.
من هنا جاءتْ فكرةُ تنظيمِ الملتقي التدريبي الدولي الثاني الذي يحملُ عنوانَ: "استخدامُ تقنياتِ الذكاءِ الاصطناعيِّ والميتافيرس في التدريبِ لتحقيقِ مفهومِ الاستدامةِ"
 وذلكَ بالتعاونِ مَعَ أكاديميةِ العلومِ الشُّرطيّةِ بالشارقةِ، تجسيدًا لروحِ التعاونِ المشتركِ بينَ الطرفينِ، وتعزيزًا لعلاقاتِ الشراكةِ الاستراتيجيّةِ بينَهما، وَفقَ نظامٍ مؤسسيٍّ ينطوي على إحداثِ نقلةٍ نوعيةٍ في بلورةِ القضايا ذاتِ الاهتمامِ المشتركِ، بما ينسجمُ معَ توجهاتِ حكومةِ الشارقةِ، وأهميةِ التعاونِ بينَ الدوائرِ الرسميةِ، بقصدِ رفعِ مستوى القدراتِ، وبما يخدمُ الأهدافَ والاستراتيجياتِ للمؤسساتِ العامةِ، ويحققُ مفهومَ التنميةِ المستدامةِ في الدولةِ.