ديباجة المؤتمر

مع أنَّ حصر المخطوطات الأصلية، وحفظها، والعناية بها دراسة وتحقيقًا وفهرسة أمور مهمة تدلّ على أداء أمانة الاهتمام بهذا التراث الخالد للحضارة العربيّة الإسلاميّة في شتى مجالاتها إلا أنَّ رقمنة المخطوطات العربيّة قد صارت قضية مهمة، تحتاج مزيدا من الاهتمام بها في ظِلّ انفتاح المؤسسات المهتمة بالمخطوطات بعضها على بعض، وفي ظِل ما توفّره الحوسبة الحديثة من إمكانات فنيّة وعلميّة متنوعة، تفيد المخطوط العربيّ، ومنها رقمنة المخطوطات العربيّة الإسلاميّة بما يشبه الهُويّة المعرفيّة الدالة بالرقم العلميّ الموحّد أو شبه الموحّد على المخطوط، أنّى كان مكان وجوده وحفظه؛ بسبب تقوقع كلّ خزانة مخطوطات على ما لديها تقريبا من غير السعي إلى الحفظ الاحتياطي للمخطوطات من الحرائق وعوادي الزمن.
 
ونحن نرى أنَّ المأمول في هذا المؤتمر الدوليّ الأوّل الذي تعقده الجامعة القاسميّة في موضوع رقمنة المخطوطات العربيّة الإسلاميّة انطلاقًا من وجود دار المخطوطات الإسلاميّة فيها فتح الآفاق بين خزائن المخطوطات للاطمئنان على وجودها في الظروف كلّها، والوقوف على المفاهيم المتغيّرة لرقمنة المخطوطات، وتطوّرها؛ لتتلاقى الرؤى المختلفة في صيغة حديثة متطورة لهذا المفهوم، مع الإفادة من الممارسات المتباينة في هذا المجال للمراكز العالميّة في دولة الإمارات العربيّة المتحدة، وسائر دول العالم بعد أن صار إعداد بيانات المخطوطات متاحًا بأدوات حاسوبية متطورة، فيها أرشفة علميّة حديثة للمخطوطات.

إنَّ الرقمنة العلميّة الصحيحة للمخطوطات خطوة مهمة في استقصاء نسخ المخطوط الواحد، والمقارنة بينها، ومتابعة تاريخها، كما أنَّه خطوة مهمة في تنسيق الجهود العلميّة عند الشروع في تحقيق بعض المخطوطات؛ لكي تتواصل الجهود على رؤى علميّة ناضجة، ولا تتقاطع، أو تتعثّر؛ ذلك أنَّ تحقيق المخطوطات إحياء لها، ولدورها في المعرفة والحضارة.
ونحن إذ ندرك أنَّ أنظمة الرقمنة ومعاييرها متفاوتة بين مراكز المخطوطات ودورها إلا أنَّنا ندرك أيضًا أن اجتماع هذه التجارب في مؤتمر علميّ دولي واحد سوف يساعد على تقليل الفجوة المعرفيّة الرقميّة بينها بعد الاطلاع على التجارب العالميّة الرائدة في هذا المجال.

وسيعقد المؤتمر بطريقة مرنة هجينة، تجمع بين المشاركات الحضوريّة الوجاهيّة من أروقة المؤتمر داخل الجامعة القاسميّة، والمشاركات المحوسبة عن بعد بتقنيات التواصل غير الحضوريّ عبر التطبيقات الذكيّة؛ ليكون مجتمعًا علميّا عالميّا، يشرق من الشارقة بأحدث ما سيتواصل إليه المشاركون في رقمنة المخطوطات الأصلية من الممارسات الناجزة إلى الآفاق الواعدة.
إنَّ الجامعة القاسميّة من موقعها في إمارة الشارقة ترحّب بكلّ العلماء والخبراء والباحثين المهتمين في هذا الموضوع؛ ليكونوا ضيوفًا أعزّاء على الشارقة مدينة العلم والثقافة، والعاصمة العالمية للكتاب ضمن برنامج أكاديميّ، فيه أنشطة ثقافيّة واجتماعيّة وسياحية متنوّعة في دولة الإمارات العربيّة المتحدة.

ننتظركم بكلّ حفاوة في رحاب الجامعة القاسميّة في شهر مارس يوم 22 مارس 2022م